لا تتوقف شركات الذكاء الاصطناعي عن المنافسة لتطوير نماذج لغوية فريدة ، حيث تأتي هذه الطفرة في عالم الذكاء الاصطناعي من الشركة الصينية الناشئة التي لا يتجاوز عمرها عام واحد بعد إطلاق روبوت محادثة ينافس أداء شات جي بي تي من خلال استخدام جزء بسيط من نفقات الطاقة والتبريد والتدريب التي تحتاجها أنظمة OpenAI و Google و Anthropic ، بالتالي يمكننا القول أن شركة ديب سيك الصينية استحوذت على صناعة الذكاء الاصطناعي وقلبت موازيين السوق العالمية ، حيث انخفضت أسهم Nvidia، التي تعد رقائقها الخيار الأول لتشغيل الذكاء الاصطناعي، بنسبة 17٪ بعد طرح الشركة لنموذج DeepSeek V-3 في السوق
في هذه التدوينة سنتعمق في نموذج الذكاء الاصطناعي ديب سيك ” V-3 DeepSeek ” وكيف يمكن لشركة لم يسمع عنها سوى عدد قليل من الناس أن يكون لها مثل هذا التأثير؟
ما هو الذكاء الاصطناعي ديب سيك ؟
ديب سيك ” DeepSeek “هي شركة ناشئة أسستها وتملكها شركة تداول الأسهم الصينية High-Flyer بإدارة رجل الأعمال الصيني ليانج وينفينج ، هدفها هو بناء تقنيات الذكاء الاصطناعي على غرار روبوت الدردشة ChatGPT من OpenAI أو Gemini من Google ، ففي عام 2021، استحوذت ديب سيك على آلاف الرقائق الحاسوبية من شركة صناعة الرقائق الأمريكية الشهيرة نيفيديا ، والتي تعد جزءًا أساسيًا لإنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي قوية.
وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، أصدرت ديب سيك العديد من نماذج اللغة الكبيرة، وهو نوع التكنولوجيا التي تدعم روبوتات الدردشة مثل ChatGPT و Gemini ، وفي 10 يناير، أصدرت أول تطبيق روبوت دردشة مجاني لها، والذي كان يعتمد على نموذج جديد يسمى DeepSeek-V3.
ماذا يمكن أن تفعل ديب سيك؟
باعتبارها نموذجًا مفتوح المصدر للغة كبيرة، يمكن لروبوتات الدردشة ديب سيك القيام بكل ما يمكن لـ ChatGPT وGemini وClaude القيام به ، ويشمل ذلك إنشاء النصوص والصوت والصور والفيديو ، بالإضافة إلى ذلك، يُقال إن عائلة ديب سيك الجديدة من النماذج متعددة الوسائط، والتي أطلق عليها Janus Pro، تتفوق على DALL-E 3 بالإضافة إلى PixArt-alpha وEmu3-Gen وStable Diffusion XL، على زوج من معايير الصناعة ، فقد تم تصميم DeepSeek-R1، المنافس لـ o1، خصيصًا لأداء مهام التفكير المعقدة، مع توليد حلول خطوة بخطوة للمشاكل وإنشاء “سلاسل منطقية من التفكير”، حيث تشرح عملية التفكير خطوة بخطوة عند حل مشكلة.
سبب تفاعل الأسواق العالمية مع هذه الطفرة التكنولوجية ؟
عندما قدمت شركة ديب سيك نموذجها DeepSeek-V3 ، كان يطابق قدرات أفضل برامج الدردشة الآلية من شركات أمريكية مثل OpenAI وGoogle ، وكان هذا وحده ليكون مثيرًا جدا ً.
لكن الفريق الذي يقف وراء النظام الجديد كشف أيضًا عن خطوة أكبر إلى الأمام ، ففي ورقة بحثية تشرح كيف قامت ببناء التكنولوجيا، قالت شركة ديب سيك إنها استخدمت جزءًا ضئيلًا فقط من شرائح الكمبيوتر التي تعتمد عليها شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة لتدريب أنظمتها.
فعادةً ما تقوم الشركات الكبرى في العالم بتدريب برامج الدردشة الآلية الخاصة بها باستخدام أجهزة كمبيوتر عملاقة تستخدم ما يصل إلى 16000 شريحة أو أكثر ، لكن الجدير بالذكر أن مهندسو شركة ديب سيك قالو إنهم يحتاجون فقط إلى حوالي 2000 شريحة من شركة نيفيديا – Nvidia.
لماذا يعتبر هذا مهماً ؟
منذ أواخر عام 2022، عندما أطلقت OpenAI طفرة الذكاء الاصطناعي من خلال نموذج شات جي بي تي ، كان المفهوم السائد هو أنه لا يمكن بناء أقوى أنظمة الذكاء الاصطناعي دون استثمار مليارات الدولارات في رقائق الذكاء الاصطناعي المتخصصة، وهذا يعني أن أكبر شركات التكنولوجيا فقط – مثل Microsoft وGoogle وMeta، وكلها مقرها في الولايات المتحدة – يمكنها تحمل تكلفة بناء التقنيات الرائدة.
لكن مهندسي ديب سيك قالوا إنهم يحتاجون فقط إلى حوالي 6 ملايين دولار من قوة الحوسبة الخام لتدريب نظامهم الجديد ، كان هذا أقل بنحو 10 مرات مما أنفقته Meta على بناء أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
كيف صنعت شركة DeepSeek تقنيتها باستخدام عدد أقل من شرائح الذكاء الاصطناعي؟
يقول كبار مهندسي الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة إن ورقة بحث شركة DeepSeek وضعت طرقًا ذكية ومثيرة للإعجاب لبناء تقنية الذكاء الاصطناعي باستخدام عدد أقل من الشرائح.
باختصار، أظهر مهندسو الشركة الناشئة طريقة أكثر كفاءة لتحليل البيانات باستخدام الشرائح. تتعلم أنظمة الذكاء الاصطناعي الرائدة مهاراتها من خلال تحديد الأنماط في كميات هائلة من البيانات، بما في ذلك النصوص والصور والأصوات، حيث وصفت شركة DeepSeek طريقة لنشر تحليل البيانات هذا عبر العديد من نماذج الذكاء الاصطناعي المتخصصة – ما يسميه الباحثون طريقة “مزيج الخبراء” – مع تقليل الوقت الضائع بنقل البيانات من مكان إلى آخر.
لقد استخدم آخرون طرقًا مماثلة من قبل، لكن نقل المعلومات بين النماذج كان يميل إلى تقليل الكفاءة، حتى فعلت شركة ديب سيك هذا بطريقة سمحت لها باستخدام طاقة حوسبة أقل.
قال تيم ديتمرز، الباحث في معهد ألين للذكاء الاصطناعي في سياتل وأستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة كارنيجي ميلون والمتخصص في بناء أنظمة الذكاء الاصطناعي الفعّالة: “لقد أصبح من الواضح جدًا أن الشركات الأخرى، وليس مجرد شركة مثل OpenAI، يمكنها بناء مثل هذه الأنواع من الأنظمة” ، حيث “استخدمت شركة ديب سيك أساليب يمكن لأي شخص تكرارها”.
هل تكنولوجيا DeepSeek جيدة مثل أنظمة OpenAI وGoogle؟
يمكن لـ DeepSeek-V3 الإجابة على الأسئلة وحل المشكلات المنطقية وكتابة برامج الكمبيوتر الخاصة به بنفس فعالية أي شيء موجود بالفعل في السوق، وفقًا لاختبارات معيارية قياسية.
فقبل أن تطلق DeepSeek تكنولوجيتها، كشفت OpenAI عن نظام جديد يسمى OpenAI o3، والذي بدا أقوى من DeepSeek-V3 ، لكن OpenAI لم تطلق هذا النظام للجمهور بشكل موسع.
تم تصميم OpenAI o3 “للاستدلال” من خلال المشكلات التي تنطوي على الرياضيات والعلوم وبرمجة الكمبيوتر، وأشار العديد من الخبراء إلى أن ديب سيك لم يبني نموذج استدلال على هذا النحو، والذي يُنظر إليه على أنه مستقبل الذكاء الاصطناعي.
ثم في 20 يناير 2025، أصدرت ديب سيك نموذج الاستدلال الخاص بها المسمى DeepSeek R1، الذي أثار إعجاب الخبراء أيضًا ، الذي أدى في النهاية ذعر المستثمرين الأمريكيين وغيرهم عندما أدركوا أهمية تكنولوجيا ديب سيك.3 الجديدة.
هل تقنية ديب سيك تعني أن الصين أصبحت الآن في مقدمة الدول في مجال الذكاء الاصطناعي؟
لا، فلم ير العالم بعد نموذج O3 من OpenAI بعد ، فقد كان أداءه في اختبارات المقارنة المعيارية أكثر إثارة للإعجاب من أي شيء آخر في السوق ، لكن الخبراء قلقون من أن الصين تتقدم على الولايات المتحدة وعلى دول العالم في مجال أنظمة الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر.
ما هو الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر ؟
مثل العديد من الشركات الأخرى، قامت شركة ديب سيك بـ “فتح المصدر” لأحدث أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، مما يعني أنها شاركت الكود الحاسوبي الأساسي مع شركات وباحثين آخرين، وهذا يسمح للآخرين ببناء وتوزيع منتجاتهم الخاصة باستخدام نفس التقنيات.
هذا جزء من السبب الذي جعل ديب سيك – DeepSeek وشركات أخرى في الصين قادرة على بناء أنظمة ذكاء اصطناعي تنافسية بسرعة وبتكلفة زهيدة.
في عالم الذكاء الاصطناعي، اكتسبت المصادر المفتوحة زخمًا لأول مرة في عام 2023 عندما شاركت ميتا – Meta بحرية نظام ذكاء اصطناعي يسمى Llama ، في ذلك الوقت، افترض الكثيرون أن النظام البيئي مفتوح المصدر لن يزدهر إلا إذا استمرت شركات مثل ميتا – الشركات العملاقة ذات مراكز البيانات الضخمة المليئة بالرقائق المتخصصة – في فتح المصدر لتقنياتها.
لكن شركة ديب سيك وشركات أخرى أظهرت أن هذا النظام البيئي يمكن أن يزدهر بطرق تتجاوز شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة
اقرأ أيضا :
استخدامات شات جي بي تي (ChatGPT) في التعليم والجامعات